كلنا نخاف من الفشل " ولا عيب في هذا " لكن ليس من الصواب أن " نهرب " من الفشل .
نحن بشر مكتوب علينا أن نخطأ ونفشل ونفعل ما يعاب علينا لأن هذه هي فطرة الله التي فطر الناس عليها .
إن كثيراً من الناس يحاول أن يصارع القدر فإذا هزمه القدر " بلا شك "التجأ وراء الهروب لكي لا يلحقه الناس بالعار والشنار ويقال أن هذا إنسان فاشل وغير قادر فإذا هو يقع في صراع آخر مع القدر لأنه لا مفر منه ( إياك أن تتحدى القدر فإنه المنتصر دائماً ).
لقد كتب الله على عباده حظهم من النصر أو الهزيمة أو النجاح أو الفشل لكنه سبحانه لم يعطهم " الضوء الأخضر " إن صح التعبير بأن لا نجاح بعد فشل ولا نصر بعد هزيمة بل إن المتأمل في كتاب الله في عرض سير الأنبياء أو سير المؤمنين يرى كماً هائلاً من النجاح الذي سبقه فشل ومن النصر الذي تقدمته هزيمة.
انظر مثلاُ : لقصة موسى " عليه الصلاة والسلام "كيف عاش مشرداً هارباً خائفاً يترقب أي شئ كما أشار القرآن لذلك ثم انظر لنصر الله لهذا النبي ورفع شأنه على عدوه .ثم انظر أن النبي لم يستسلم صحيح أنه هرب لكن هرب ليعود هرب لأنه اضطر لذلك لكنه عاد بعد أن رتب وضعه " كما يقال " وهذه هي حقيقة النجاح .
البعض من الناس أصابه الغرور في نجاحه فأراد أن يتمرد على من كان سبباً بعد الله في نجاحه سواء ( موظفين – والدين - أصدقاء – زوجة - ...) إنه نكران الجميل فإذا وقع في أزمة أتبعت هذا النجاح ( لكن لم تنهيه كاملاً ) رفض أن يستمع وعاند وتكبر لكي لا يقال فاشل لكي لا يقال هذا جزاء وفاقاً لتكبرك وجحودك للأيادي البيضاء التي امتدت لك فإذا هو كالحجر الصم .....
إذا كيف يفعل ليبرر هذا العمل وخاصة إن كان هناك من يسانده في عمله الخطأ تجده يسلك أحد طريقين :
الأول / يفتعل المشاكل ويستحدث القلاقل لكي يبعد نظر الآخرين عنه ولو مؤقتاً وخاصة مع من كان ناصحاً له أو مخالفاً لأفعاله ولو كانت هذه الأمور بسيطة ولا تستحق هذا .
الثاني / المكابرة ولو أدى ذلك إلى تحطيم أي نجاح تم صنعه مع الآخرين الذين تعبوا وساندوه ووجهوه .....
أقف متأملاً لقصة الثلاثة الذين تخلفوا عن موقعة تبوك والذين كان باستطاعتهم أن يقدموا الأعذار كغيرهم لكي يهربوا من نقمة النبي صلى الله عليه وسلم ويكونوا "هاربين من الفشل بأعذار الفشل نفسها "
ولكن النفوس الأبية التي لا ترضى بإماتة الحق في نفوسها رضيت بالعتاب لكي تسموا وتحيا من جديد وتحقق نجاحاً وراء هذه المقاطعة وبالفعل تم لهم الغفران و رضى الله والرسول بسبب أنها قابلت الخطأ والفشل بالصراحة والاعتراف بما اقترفوه وعدم نكران نعمة الله الذي هيأ لهم السبل ولكن هي البشرية التي خلقنا على ضوءها وسبلها .
أعيد فأقول لا عيب أن نفشل لا عيب أن نخطأ لكن المهم كيف نصحح ما وقعنا فيه من مخالفات ولو كان على حساب أنفسنا أو من نعزهم أو نصادقهم ولا نظلم من ساندونا أو ناصحونا لمجرد أنهم خالفونا لبعض الوقت لأن هذه المخالفة كانت للمصلحة لا لشيئ آخر والله من وراء القصد .